طفلك أم جهازك؟
ناداها مراراً وتكراراً: أمي.. أمي.. أمي.. صاحت في وجهه متكدِّرة بعد أن كانت مبتسمة للهاتف الذي بين يديها: ماذا تريد؟
قال ببراءة: وددت أن أخبركِ أني أحبكِ. قالت: ليس وقته الآن؛ ألا تراني مشغولة! صمت الطفل بانكسار، وبعد برهة ناداها مرة أخرى: أمي. وهنا انتفضت أمه قائلة: ماذا تريد مني؟ ألم أطعمك وأعطك الحلوى؟ اغرب عن وجهي.. بكى الطفل ولسان حاله يقول: ألستُ أولى بالوقت الذي تقضينه على هاتفك؟ ثم رقَّ قلبها فمدَّت يدها إليه بهاتف ذكي آخر...
مع كثرة وسائل التواصل الاجتماعي تنشغل الكثير من الأمهات بالهواتف الذكية عن طفلها، فتنتقل من برنامج لآخر منتهرة في وجه طفلها كثير الحركة والإزعاج، دون أن تُدرك أنه يفتعل المشاكسة ليلفت نظرها ويحظى بالقليل من الاهتمام، والأدهى والأمرّ من انشغالها عنه أن تُشغله هو أيضاً بهاتف ذكي آخر، متجاهلة ضرره على الطفل وما يسببه له من انطوائية وعزلة اجتماعية، غير مكترثة لما يشاهده..أو أي لعبة يلعب! ما يهمها فقط هو التحدث مع الآخرين، وأن تشارك برأيها في كل المواضيع مُدعية أنها تقوم بواجبها الاجتماعي، مُتناسية أهم عضو في المجتمع، ذاك الذي تظنُّ أن واجبها تجاهه ينتهي عند إطعامه وإلباسه فقط!
عزيزتي الأم: إن كان ولا بدَّ من استخدام طفلك للهاتف الذكي أو مشاهدة التلفاز؛ فعلى الأقل حدِّدي له وقتاً لا يزيد عن ساعة في اليوم؛ ما بين الهاتف ومشاهدة الرسوم المتحركة، واختاري أنتِ ما يُقدَّم له من برامج تعليمية تُثري حصيلته اللغوية، والقصص التي تغرس القيم والأخلاق الحميدة.
وتذكري دائماً أن ذكاء طفلك يزيد مع اهتمامك بعقله وينقص مع إهماله.
إنَّ هذه البذرة أمانة ستُسألين عنها يوم القيامة؛ فاستثمريها جيداً، وكل ما تزرعينه في طفلك اليوم سيزرعه في طفله غداً، فاحتسبي الأجر في تربية طفلك وتعليمه، ولا تنسي أن طفلك ضيف مؤقت عندك، فإمَّا أن تُخرجي منه رجلاً سوياً ينهض بالأمة ويبني مجتمعه، وإمَّا أن يكون رقماً يزيد في التعداد السكاني لا أكثر... فأي الطريقين تختارين؟!
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة