أول صفحة من كتابِ العام الجديد
تلتقط الإنسانية أنفاسها وهي تخطو الخطوة الأولى على أعتاب السَّنة الشمسية الجديدة، فكلّ ما تركتْه خلفها هو القتل والتخريب والغدر والخذلان، تركت خلفهاالإنسان الذي انتسب إليها يوماً وهو صحيح الفطرة صادق النيّة؛ يُعيث في الأرض فساداً بعد أن أسكرته أسباب القوة، فأخذ منه الطَمع والجشع مَأخَذه..
تركتْ خلفها الإنسان الذي ضَرب مثلاً للوحشية ما سبقته إليها حتماً وحوش الغابات الضارية، فهذا ألجأَتْه ضرورة المجاعة، وهذا قادَهُ الطَّمعُ والجشع.. تركت بكاء الأطفال وأنين الثَّكالى وصرخات حرائر انتُهكت حُرُماتهن في غياب المعتصم.. وتركت خلفها أيضاً مزاعم رسول الأطفال 'بابا نويل' وخرافة'شجرة الكريسماس' وكلمات منمّقة عن المجد والسلام، لأنها علمت أن تلك أسمال بالية يلبسها كثيرٌ من المجرمين ليغطُّوا بها بشاعة جرمهم.
تركت كلَّ ذلك وراءها وأخذت تغذّ السير نحو عام جديد تكتب على أول صفحة فيه: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون). أما توبةُ أهلِ السّنة الجديدة من أوزارِ السّنة الفائتة فتأتي على شكل دروس تلهمها الإنسانية للإنسان:
الأول: أن العبودية لا تكون للشهوات، ولا تكون للأحمر والأبيض من الأموال.. إنما هي لله تعالى خالصة من أي شرك..
والثاني: أننا لو قاتلنا في الفلوجة لم نقاتل في الموصل ولا في حلب..
والثالث: أن الذي لم يتمعّر وجهه لحرمات الله تعالى وهو يرى الإجرام والانتهاك فهو في مقدّمة الهالكين.
والرابع: أنْ لا عزّة لأصحاب الأمانيّ والأحلام، الذين لا يقدِّمون لإسلامهم ولا لعروبتهم سوى الكلام.
ليس في ذلك تحبيط ولا تخذيل بل هو النُّذر الذي جاء به العام الجديد ليصلح المسلمون ما أفسدوا في عامهم الفائت وليتوبوا إلى بارئهم توبة نصوحاً،وليستيقظ النوّم ممن أمضوا عامهم الماضي سكارى تنتخيهم العروبة فلا ينتخون، وتستنجدهم النساء الملهوفات فلا ينجدون، وتستصرخهم أصوات الأطفال اليُتّم فلا يردُّون...!!
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن