قاهر المستحيل
قليلةٌ هي الأسماء التي تنحت مكاناً لها في الذاكرة.. وتخطّ عِبَراً تسوقك سوقاً إلى الاقتداء أو إحداث تغيير على أكثر من صعيد.. من هؤلاء "الكِبار" يسطع نور اسم لن أنساه.. "عمار بوقس
ذاك "الرجل" الذي قد يضعه البعض في خانة "المعاقين" ولكنه أثبت أنه "الأصح" بين العقلاء! فليس من السهل أن تتجاوز كل العقبات وتتحدى كل المحبطات ثم تعبِّد بإذن ربك جل وعلا طريقاً إلى النجوم لتستقر هناك!
انتشر الفيلم في موقع اليوتيوب.. قصة حياة عمار.. وقد شاهده أكثر من مليون ونصف إنسان أجزم أنه طبع في وجدان كل واحد منهم وشماً لو عقلوه لتغيّر مسار حياتهم: "الإرادة"!
شابٌ لا يتحرك فيه إلا اللسان والعينان.. مُذ وُلِد.. حرّك عقول الآلاف.. وقلوبهم.. فالحياة لا تُعاش بدون همّ وإنجاز وبصمة! والحجارة على الطريق لم توجَد لتعيق تقدّمنا وإنما لنبني منها سلّماً نحو الهدف!
أتمّ حفظ القرآن الكريم في سنتين.. وكم منّا يتلكأ ويسوِّف ويقصِّر ويدّعي الانشغال في دهاليز الحياة!
تخرّج عمار من الثانوية العامة بمعدل 96% ثم دخل الجامعة ليدرس الإعلام وتخرج الأول على الجامعة بامتياز.. بالرغم من كل ما تعرض له من عراقيل.. تطعن نفسيته! فلم يلقِ لها بالاً.. فما يرنو إليه في الأفق يتلألأ ويناديه أن أقبِل إليّ! فأيّ عذرٍ بقي لطالب رزقه الله جل وعلا من نعيمه جسداً وعقلاً ثم لم يتميز!
وانطلق بعدها في الحياة العملية فعمل صحفياً ومعِدّاً للبرامج ولم يثنه جموده في كرسيّه عن خوض غمار الحياة بكل ثقة وصبر وتحدّي! كياسيننا الشهيد الذي أرعب الصهاينة وهو على الكرسي لا يتحرك منه إلا العينان واللسان! أتُراها "صدفة" أن يجتمع البطلان على مائدة الإنجاز والتأثير وتثبيت البصمات في عالمٍ حائر يلهث وراء الماديات؟! أم هو "درسٌ" لنتعلّم منه أن الإرادة وحسن التوكل على الله جل وعلا والإيمان بالهدف صخور يتحطم عليها اليأس والعجز!
هزّني منظر عمار.. ولا أدري هل هزني أنا أم هزّ المارد الغافل في داخلي! أو هزّ تلك القدرات التي رزقنيها الله جل وعلا فركنتها جانباً لانشغال أو ضجر!
شغلني كلامه وساقني إلى تفكر عميق عميق! وتساءلت.. أين أنا منه؟!
لفتتني جملة قالها فدوّت بداخلي محدِثةً انفجاراً هائلا! "كان لدي خياران.. إما أن أستسلم لليأس وأتراجع.. وإما أن أخطو للأمام وأسعى لتحقيق أهدافي.. واخترت الخيار الأصعب" نعم صحيح.. هو الخيار الأصعب.. لأنه يعني المواجهة والتحدي وتحمّل الألم والإصرار والعمل والسعي.. والنفس تهوى الراحة والدَعَة!
"خير.. لأن الله ما يختار إلا الخير"! وقد صدق.. وكَم في حياتنا تململنا من القدر وسخطنا على ما كان حين اعتقدنا لقصر نظرنا وقلة حكمتنا أن ما نريده هو الخير! ولم يكن قدرنا يوماً بمثل ما ابتُلِيَ به عمارا!
" لا يوجد مستحيل بنظري! المستحيل لا يوجد إلا في أوهام العاجزين والضعفاء" وكَم وقفنا عند مفترق للطرق وأبديناعجزنا عن القيام بما علينا القيام به وقلنا: "مستحيل"!
" أنت لك القرار.. يا تختار .. يا تنهار"! وكم انهار عالمنا الداخلي والخارجي بعد ابتلاء عارِض!
"أحب التحديات وأعشق الصعاب".. وكم أحببنا التراخي والهدوء وراحة البال!
"الإعاقة عمرها ما كانت نهاية العالم.. الإعاقة انطلاقة.. نقطة البداية.. عشان تحقق أهدافك وتوصل لأحلامك
وتكون بكل اختصار قاهر المستحيل.. صوت الإرادة.. لا يعلو فوقه أي صوت.. لأنه الصوت الذي يسمعه كل من في هذه المعمورة.. لأنك إذا نطقت وقلت أنا هنا.. فثق تماماً بأنك.. أنت هنا!"
هل هذا كلام معاق؟! لا وربي! ما هي إلا رسائل نورانية لا تخرج إلا من روح واعية ونفس صلبة وقلب مبصِر.. ليكون عبرة لِمَن يتلمّس الطريق.. ويبغي أن يُبقي بصمة تكون له ذخراً عند ربّ كريم..
هزّني عمّار.. وأعدت الكثير من الحسابات في حياتي.. جردة احتجتها بعد أن تعرفت على قصته.. لكي أعتبِر ولا تكون قصة رأيتها ومضيت.. فكانت خلوة بيني وبيني.. استجمعت فيها قوتي.. مستعينة بقوة الله جل وعلا.. وعاهدت نفسي أن أسرج خيول الهمّة من جديد.. وأن لا أدع لليأس طريقاً إليّ.. وأن لا أنطق بكلمة "مستحيل" في يوم من الأيام.. وأن أسعى لأحقق ما يرضي ربي جل وعلا.. دون عجزٍ أو ملل!
** فيلم عمار قاهر المستحيل في اليوتيوب
http://www.youtube.com/watch?v=4doR4lNRzxE
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة