طبيبة مِخْبرية، حفيدة العالِم المجاهد الشيخ عزّ الدين القسّام رحمه اللَّه | لبنان
غذاء الروح
كتب بواسطة د. ابتهال القسام
التاريخ:
فى : زينة الحياة
1610 مشاهدة
إنَّها الرابعة والنصف عصراً.. وصلتُ منزلي قادمةً من عملي الذي استغرق ساعاتٍ عديدة، قضيتُ منها الثلث في الطريق ذهاباً وإياباً...
وأقبل عليَّ ولدي الصغير (8 سنوات) بلهفته المعهودة، وضمَمته بجوارحي وقبَّلته بفؤادي ومُهجتي، وتدفَّقت أحاسيس الأُمومة لتهمِس في أُذنيه الصغيرتين هل صلَّيت؟. قال: لا.. ودخل غرفته مُطرقاً رأسه... فأخبرني أخي بأنَّ ولدَاي لا يذهبان للمسجد إلَّا بوجودي.. وربَّما لا يتذكَّران الصَّلاة إلَّا بتوجيهه وتذكيره..
وكان الخبر كالصاعقة... أيعقل هذا؟ أنا ربَّيتهما على أداء الصَّلاة في وقتها، وفي المسجد القريب من منزلنا.. ماذا يحدث؟! ودخلتُ عليهما الغرفة والغضب يتملَّكني.. وبعنفٍ سألتهما: لماذا هذا الاستهتار بالصَّلاة؟
الصَّلاة فريضة... الصَّلاة عماد الدِّين... وفجأةً جلستُ ... وشعرتُ برأسي يكاد ينفجر، والدموع تتساقط على وجهي الملتهب.. ليقترب مُهجة قلبي مستغرباً من انفعالي الشديد ليمسح دُموعي بيديه الصغيرتين... وبكلِّ براءةٍ سألني؟
بما أنَّ الصَّلاة شكرٌ وحمدٌ لله... فالله لا يحتاجها... أليس كذلك؟ كان سؤاله كالصَّاعقة..
فجلستُ وهدأتْ نفسي واعتذرتُ منهما... وتوجَّهت للصغير تتقاذفني مشاعر متناقضة بين تعجبٍ وذهولٍ وإعجاب... وحدَّقت به مليّاً أفكِّر في إجابة تُقنعه.. لأجد لساني ينطق بكلمات نورانيَّة انبعثت من وجداني ومن شغاف فؤادي.. نحن بحاجة يا بُني لاتصالنا بمَن خلقنا وأوجدنا وأنعم علينا وهدانا إلى طريق الحق.. أرواحنا بحاجة إلى غذاء يا حبيبي مثلما نحتاج إلى طعامٍ ولباسٍ وتدفئةٍ و... و.. عندما نُصلِّي فنحن نتَّصل بالرَّحمن الرَّحيم لنصبح رحماء، عندما نُصلِّي تسمو نفوسنا لنصبح عظماء، نتَّصل بالعزيز لنصبح أعزاء، نتَّصل بالقويِّ المتين لنصبح أقوياء، بالحق نساعد المظلوم ونرد الحقوق إلى أصحابها، ونحرِّر فلسطين الحبيبة..
نصلِّي يا بُني لمن يرعانا في كلِّ شؤوننا ويعطينا من غير أن نسأله.. نصلِّي لتنتظم حياتنا وأمورنا، نصلِّي حُبّاً لله وخشيةً منه..
نصلِّي يا حبيبي ليحفظ لنا مَن نُحب من شرِّ الأشرار.. وأنت الأغلى يا بُني.. أنت أجمل هدية من الله سبحانه..
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن