كاتب
في وداعكِ .. كتبت
رحلتْ...!!!
لم أدرك معنى هذه الكلمة تماماً عندما سمعتها في صبيحة يوم الثامن والعشرين من كانون الثاني!!
حاولتُ أن أستجمع ذكرياتي لأترجم حروفها؛ التي تلقفها عقلي واستهجنها قلبي.. مَن التي رحلت؟!
كيف ومتى؟! ثم بيقين المؤمن استَعدتُّ فَهم ما يدور حولي فاستقرَّ في ذهني معنىً من معاني اليُتم..
فانهمرت دموعي بحرارة تحرق وجنتيَّ.. لعلَّها تطفئ لهيب القلب الذي اشتعل ألماً على فراق أخت القلب..
"أم سهيل"..
ثم نظرت فوجدت أنني لست وحيدةً في ذلك الألم، إنه حزن عام وألم عام... مَن أنتِ حتى تحزن المئات بل الآلاف لرحيلكِ؟ هل كنت إعلامية معروفة أم شخصية مشهورة بين الناس ولم أنتبه لذلك..؟!
أبداً.. لم تكوني أيّاً مما سبق.. كنتِ جنديّاً مجهولاً تجاهدين في العمل الدعوي..
عرفناك بدماثة خُلقك، وكرم ابتسامتك، ولطافة حديثك، تجودين علينا بمزاح يجلو الهمَّ ويبعد الحزن عن النَّفس، تسارعين في خدمة من تجدينه بحاجة من غير أن يسألك..
حنوّك كان طبعاً ملازماً لك..
ذوقك الرفيع كان يترك البصمة المؤثرة في كلِّ مناسبات جمعية الاتحاد الإسلامي بأفراحها وأتراحها، ويضفي الرونق الجذّاب في نشاطاتها وفعالياتها..
كانت تعشق التزيين والتشكيل والترتيب، وتكره الفوضى، وكأنها تحاكي صورة نفسها الهادئة المتزنة..
كان عمرها مثل عمرِ الفراشة ، قليل المدد لكنه كثير الأمداد، مليئاً بالعطاء ومفعماً بالجمال..
يُجلُّها الكبير ويحبها الصغير.. أينما حلَّت فرضتْ جواً من الفرح يُسعِد مَن حولها، فحصدت الاحترام والحب..
فلقد كانت _ رحمها الله _ كبيرة صغيرة.. تجدها مع الكبير خبيرةً صاحبة تجارب كأنها ابنة جيلهم، تجاريهم في أعمالهم وأقوالهم.. ومع الصغير تداني طفولته وتلاعبه حتى تضفي عليه بهجة الأحلام وأمل الحياة..
مهى (أم سهيل)..
وأي كلمات الشكر تفيك حَقَّك وتَعَبَك معي.. فلقد كنتِ لي خيرَ مُعين بكلِّ مراحل ولادتي وما بعدها..
فلقد كنتِ الأمَّ لابنتي؛ تشاركينني فيها بكلِّ تفصيل وتحيطينها بكلِّ رعاية وحب..
كنتِ بالنسبة لي أختي الكبرى التي تهتم بي وترعاني حيث أنسى نفسي..
وما أصدق من قال: "ربَّ أخٍ لك لم تلده أمّك".
كيف لي ألَّا أكتب عنك يا أختاه بمداد دمعي ؟!
آه .. كم يحزنني هذا الرحيل وكم يصحّر حياتي فلا أكاد أجد فيها أنسَ الماء والخضرة والفراشة..!!
لقد رحلت و يزال صوتك الهادئ يتسلل إلى كياني ليوقظ أشواقي لك..
ألا تذكرين تلك الكلمات التي أرسلتها لي!!
لا تزال تتردد في ذاكرتي لتنسج قصة توأم تغلغل فيه حبّاً واحداً ومعنىً واحداً من معاني الحياة..
واهاً لك أيها القلب لقد أصبحت على خبر رحيلها يتيماً..
وفاء لتلك الساعات التي قضيناها معاً في عملنا الدعوي في جمعية الاتحاد الإسلامي، جَمَعْتُ أحرفي من بين أحزاني لأكتب عن شوقي لك بعد الرحيل أكثر مما كان قبل الرحيل ..
أنت التي نلتِ شرف السبق للقاء الحبيبتين "أم علاء" و"سحر" رفيقتينا في الدعوة.. فكان لقاؤكنَّ بعد فراقنا.. فآهٍ مِن ألَمِ الفراق وواشوقاه للقاء..
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!