بين العادة والعبادة .. ضاع الحجاب
كتب بواسطة وجدان شتيوي
التاريخ:
فى : شباب بنات
3214 مشاهدة
آلمني جداً وصدمني ما رأيته اليوم من فتاة في أوائل العشرين التقيتها في إحدى الدورات التدريبية لا زالت في مخيلتي عندما رأيتها أول مرة وهي تصلي في فترة الاستراحة في أكاديمية التدريب حرصاً على ألا تفوتها الصلاة.
كانت بحجابها الشرعي الكامل الذي لا يصف ولا يشف كما أمر الله، يا ترى ما الذي يصل بفتاة ارتدت الحجاب في عمر البلوغ أن تخلعه بين ليلة وضحاها. كنا قد اجتمعنا في مناسبة قبل شهر ولأول مرة يدور بيننا نقاش خاص بدأ عندما رأت معي ابنتي ذات السنوات العشر فتفاجأت لأنها لم تكن تعلم أنني متزوجة أصلاً وسألتني عن سبب زواجي المبكر فاكتفيت بقولي "غلطة". أذكر أنها سألتني أيضاً متى ارتديت الحجاب؟ وإن كان ذلك عن قناعة؟ فأخبرتها أنني ارتديته في عمر الثالثة عشر برغبة أهلي وإصرارهم على ولكني الآن اعتدت عليه وأصبح جزءاً من كياني فسألتني لم لا أخلعه فصعقت لصدور السؤال منها وأجبتها لأنه فرض علي وهذا يكفي فاعترفت لي حينها أنها تفكر في خلعه فكانت هذه الصاعقة الأكبر.
أخذت تجادلني في فرضية الحجاب وأنه ليس بأهمية الصلاة حاولت إقناعها لكني وجدتها متشبثة بأفكارها لكنني لم أكن أظن أنها جادة في كلامها. هي صديقة عندي على صفحة الفيسبوك أتابع منشوراتها التي يغلب عليها الطابع السياسي ولكني لا أفهم من أغلب منشوراتها إلا القليل. كنت أراها ناشطة مجتمعية وأرى صورها مع المتضامنين الأجانب في اعتصامات أهالي الأسرى وشؤون المرأة والعمال وكل الفعاليات السياسية بصفتها خريجة صحافة وإعلام، أما منظرها اليوم فقد كان صدمة لكل من رآها ويعرفها من قبل. مبرراتها لهذا الفعل أنها بحثت لمدة أربعة أشهر في كتب تاريخية ودينية واجتماعية وصار لديها شكوك حول مفهوم الحجاب المفروض.
رسالة لمن يضعون قدوة أمامهم لا تهتزوا إذا أخطأت قدوتكم فهي لا تمثل إلا نفسها ولا تجعلوا إيمانكم يتضعضع ولا تربطوا دينكم ببشر يصيب ويخطئ
ولا تريد أن ترتدي شيئاً لا تقتنع به. أصابني الدوار وهي تناقشني بالموضوع والآيات والأحاديث تارة وتارة تقول أنها تعقدت من الفتيات والنساء المحجبات ومن نظرتهم الدونية للفتاة الغير محجبة مع أنها قد تكون عالية الأخلاق وملتزمة داخلياً فأرادت أن تثبت لهن العكس وكأنها أرادت أن تكون كبش فداء لتصحيح نظرة لغيرها على حسابها وحساب علاقتها مع الله على حد قولها فهي الآن بدون حجاب وبنفس أخلاقها السابقة لم ينقص منها شيء.
ووضحت أن أفعال بعض المحجبات لا تروق لها ولا تمت للأخلاق بصلة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لم لا تكوني محجبة وبأخلاق. لماذا ينظر الإنسان لنقائص غيره ليحطم شخصيته أو يبرر أخطاءه فكلنا خطاؤون ولكن فطرتنا لا تقبل أن نرى من يحيد عن درب الهداية للتقصير ومن شدة تأثري بمدى التغيير الذي طرأ فجأة على هذه الفتاة بحثت عنها فعلمت أنها أسيرة محررة قبل سنتين أمضت سنة كاملة في سجون الاحتلال ومما أدهشني أكثر أنها كانت من أشد المحافظات على حجابهن رغم مضايقة السجان وغطرسته.
كانت ترفض نزعه حتى بين الفتيات خوفاً من مداهمة مفاجئة لأقسام السجن، حاولت أن أدرس هذه الحالة أسبابها وأبعادها وتبعاتها فوجدت أن تعمقها في قراءة الفلسفة والفكر والتاريخ قد يكون أحد أهم الأسباب فالعقل البشري لا ينبغي له أن يبحر في التفكير ويبحث كثيراً في أمور من المسلمات الدينية لئلا يتسرب الشيطان لخفايا عقله ويدخل الشك إلى قلبه وينتصر على ضعف نفسه، ولذلك نهى رسولنا الكريم عن الاطلاع على كتب اليهود والنصارى إلا في حالة العلماء المتمكنين من علمهم أصحاب العقول النيرة والعقيدة الراسخة بغرض الرد على خصوم الإسلام والدفاع عنه.
والسبب الثاني هو حالة اضطراب وصراع داخلي وغزو من جهات عدة من بينها الأصدقاء والرفاق، ومحاولة إثبات لذات هشة من الداخل وتمرد على واقع معاش. وجدت من مسؤوليتي توجيه بعض الرسائل:
رسالة لمن يضعون قدوة أمامهم لا تهتزوا إذا أخطأت قدوتكم فهي لا تمثل إلا نفسها ولا تجعلوا إيمانكم يتضعضع ولا تربطوا دينكم ببشر يصيب ويخطئ، كونوا أنتم القدوة. ورسالة للأهل راقبوا أولادكم جيداً فهم أغلى ما تملكون تعرفوا على أصدقائهم وراقبوا ما يقرؤون، علموهم الفرائض على أنها عبادات لا عادات.
تدرجوا في تعويدهم على الطاعات وخاصة ما يحتاج الصبر وجهاد النفس منها كالصلاة والحجاب اربطوها بالجنة لا بالنار لأن رجوعهم عن هذا النهج بعد الالتزام قد يؤثر على أصحاب النفوس ضعيفة الإيمان ويؤثر على بناء أفكار المجتمع برمَّته. ابدؤوا تعويدهم الفرائض والطاعات بغرس أنها مكافأة من الله لا عقاب، دعوهم يستشعرون قرب الله ليمتثلوا أوامره بكل يسر وحب. فيا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك.
المصدر : الجزيرة نت
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة