عمتي الشريرة...
لم أكن اعرف يوماً سبب كره والدتي لعمتي ...كانت عمتي سيدة لطيفة جداً وكانت تحبنا هذا ما كنت أشعر به ....
أما أمي فكانت دائماً لا تسمح لنا بالاقتراب منها ....
أذكر أني كنت في الرابعة من عمري و عمتي غير متزوجة وعمرها على ما أعتقد ربما في الثاني والعشرين لا أعرف ...كنا في أول أيام العيد....دخلت عمتي تريد أن تسلم على أمي عاملتها الأخرى بجفاء تام....امتعض وجه جدتي وجدي كثيراً..
المهم أنها سلمت بسرعة على أبي وأمي وقبلت جبهتي وخرجت...عادت لغرفتها......لا اعلم لكني كنت أجدها لطيفة...غافلتُ أمي ودققت الباب عليها .. وجدتها ترتدي إسدال الصلاة تصلي...ودموع متجمعة في عينيها ..رأتني و استغربت كثيراً ...ثم دنت مني وقالت : حبيبي هل تعلم والدتك أنك هنا؟؟!...
حركت رأسي يميناً ويساراً أن لا...ابتسمت وقالت بوجه حاني : عد يا عزيزي فستقلق أمك...
قلت لها : عمتي أريد أن أجلس معك ..ابتسمت وقالت : هكذا إذاً تفضل...
جلست على سريرها ..وفتحت خزانتها وأعطتني كيس كبير...قالت : هذا لك...فتحته بلهفة...كان فيه علبة مغلفة كبيرة فيها سيارة تتحرك على الريموت كنترول ، و علبة أخرى فيها جندي يزحف ، و علبة أخرى يملؤها الحلوى الملونة و الشوكولا و شيء ملفوف بعناية فتحته كان مبلغاً من المال....قبلت جبهتي..ثم قلت لها وأنا أريد أن أعرف السبب : عمتي لم والدتي تكرهك...؟؟!؟!
صعقت ماالذي دعا هذا الصغير لينطق
قالت : حبيبي إنها لا تكرهني من قال لك هذا؟!...
وأنا لازأل أحدق بهذا الكيس الجميل ثم قلت : أمي لا تسمح لي بالحديث إليك ولا تحبك مع أنني أجدك لطيفة..
ابتسمت ثم قهقهت و قالت : لا أعلم اسألها
عزمت أمري وخرجت من الغرفة وصرخت وأنا أحمل ذلك الكيس وقلت : سأسألهاااااا
رأت والدتي الكيس ولم تعقب ولكن عندما عدنا إلى منزلنا صرخت بوالدي وظننت أن السبب في المشكلة هو ذاك الكيس ولم أجرؤ أن اسألها........
مضى على ذلك الوقت عامان واليوم هو يوم زفاف عمتي كان يوماً رائعا رقصت معها ومع باقي الأحفاد وكل ما اقتربت منها تسحبني والدتي وتصرخ علي هنا لم أعد احتمل فقلت لها :
أمي لم تكرهين عمتي ..؟
تفاجأت والدتي كثيراً ثم لم تعقب وحدجتني بنظرة قاسية ...
تزوجت عمتي وأنجبت وأصبحت أماً وكنت أحب أطفالها ولكن والدتي لا تسمح لنا باللعب معهم....
لم تنس عمتي عيداً واحداً كيس المفاجآت تجلبه لكل حفيد ولا تنسى أنواع الحلويات المفضلة لنا
حنونة جداً وطيبة القلب ، ولكن والدتي تقول عنها بأنها خبيثة ...
أعوام تطوي أعوام وكره والدتي لعمتي يكبر بقلب اخوتي البنات ..بتنا لانزورها ولا نحدثها ولا نعرف السبب...
اليوم هو يوم زفافي ومنذ أسبوع وأنا وأمي نتشاجر فهي لا تريد دعوتها هنا صرخت بوالدي :
أبي لم لا تتحدث ؟..إنها اختك! ... ألا تريدها أن تشاركك فرحك؟..ما هو الذنب الذي اقترفته لتكرهوها هكذا؟؟... والله يا ابي لو كانت زوجتي تتحدث عن أختي حلا بمثل ما تتحدث والدتي عن أختك لطلقتها...
هنا صرخت والدتي وقالت: لن ادعُها .. وإن كنت تريد دعوتها فأنا لن أحضر زفافك...!
لم أجامل والدتي ، وسرقت كرتاً واحداً وذهبت إلى عمتي فأنا أريد أن أشاركها فرحتي...قبلت عمتي جبهتي وعانقتني بحب وهي تقول : لا أصدق أن حفيدنا الأول أصبح عريساً ، يا حبيبي الحمد لله أن أمد بعمري لأحضر هذا اليوم ...
فتحت كرت الدعوة لتجد كرتاً واحداً.. نظرت إلي نظرة لم أنسها ما حييت كان فيها شيء من الصدمة حقها لوالدي لم يتصل بها منذ شهور والدعوة تصلها الآن قبل يوم واحد ، وليس هذا فقط بل دعوتها وحدها دون بناتها أي أن كرامتها لا شك قد تدمرت ، توقعت أن تلعن أمي ، توقعت أن ترفض ، لكنها بدلا من ذلك ابتسمت وقامت وأخضرت لي سواراً ذهبياً وقالت : حبيبي لا بد أن تلبس زوجتك ذهباً أنا اعرف أن أوضاعكم المادية سيئة هذه هدية مني لك ويوم الزفاف هدية أخرى ..عادت وقبلت وجهي وانهمرت الدموع...قالت إنها دموع الفرح لكني أعرف أنها دموع القهر......
لم تحضر عمتي الزفاف ، فرحت والدتي كثيراً
ولكن سرعان ما جاءنا خبر وفاتها بأزمة قلبية...صرت أبكي وأقول إن والداي السبب كسروا بخاطرها بسبب كره غير مبرر ...
قال لي زوجها : بعد أن رحلت ظلت تبكي لساعات طويلة وقالت لي : لا أصدق أن الله قد جعل ابن أخي صالحاً واستجاب لدعائي ..ولم يأخذ كره والدته .....
وظلت مكتئبة إلى يوم الزفاف .. ووافتها المنية .
إلى هذا اليوم ازور عمتي في قبرها أود أبنائها ، ولا اسمح لوالدتي بالحديث عنها....ولن أسمح لزوجتي بجعل أبنائي يكرهون عماتهم بسبب الغيرة والحسد وأسباب واهية..
#عمتي_لم_تكن_شريرة_بل_كانت_أميرة
..............................
هذا واقع نحن نعيشه .. أحياناً نحمل أولادنا تبعات علاقاتنا
أكيد هناك خلافات ومشاكل بين الأقرباء لا يخلو الأمر
لكن يجب ألا نقحم الأولاد في هذه الخلافات فهم لا ذنب لهم
كانت جدتي تقول :
#ازرع_الخير_بتلاقي_الخير
#منقول
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!