طالبة جامعية في كلية الطب | لبنان
مذكرات رمضانية
كتب بواسطة رغد دعبول
التاريخ:
فى : قصص
1894 مشاهدة
كتبت صديقتكم فداء في مذكراتها:
1 رمضان ١٤٤١ هـ:
في بادئ اليوم، كنت متحمّسة جدّاً بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، فهذه السنة الأولى التي سأصوم فيها كما يصوم الكبار. ولكنني بدأت أشعر بالتعب بعد انقضاء نصف النهار. كنت أشعر بالجوع والعطش والإرهاق. وعندما حان موعد الإفطار أخيراً، أكلت وشربت حتّى لم أعد قادرة على الحركة، ففاتتني صلاة المغرب للأسف. سأحاول أن أجعل يومي الثاني من رمضان أفضل من الأوّل.
2 رمضان ١٤٤١ هـ:
قررتُ اليوم أن أشاهد المسلسلات طوال النهار كي يمضي الوقت سريعاً. وفعلاً تربّعت على الأريكة وقضيت نهاري أتنقّل من محطّة إلى محطّة. ما أجمل المسلسلات! وما أبغض الإعلانات التي تتخلّلها! فمعظم هذه الإعلانات تكون عن الطعام والطيّبات، شيء لا يطاق... وبعد الإفطار، توجّهنا إلى المسجد كي نؤدّي صلاة التراويح، ولكنّني وجدت صعوبة عند تأديتها لأنني أسرفت في الأكل كالعادة. وعندما عدتُ إلى المنزل، قرّرت أن أسهر طوال الليل كي أشاهد ما فاتني من المسلسلات ولكي أستمتع بالطعام والشراب لأطول فترة ممكنة. هذا حلًّ رائع!
3 رمضان ١٤٤١ هـ:
أشعر بالخجل من نفسي، فلقد فاتني السحور وفاتتني صلاتيْ الفجر والظهر لأنني كنت مستغرقةً في نومٍ عميق. لقد اسيقظتُ بعد صلاة العصر، يا لي من كسولة! وقبل المغرب حاولت أن أمضي الوقت مع إخوتي الذين أرهقوني بلعبهم العنيف، فاضطررت أن أستعمل الكلام النّابي والصراخ. شعرت بالندم، لأن الصيام ليس امتناعٌ عن الطعام والشراب فحسب بل إنّه صومٌ عن المشاحنة والبذاءة أيضاً.
4 رمضان ١٤٤١ هـ:
قرّرت أن أشاهد برنامجاً دينيّاً عوضاً عن مسلسل سخيف لا يليق بأي مسلم ومسلمة. كان البرنامج يتحدّث عن الطرق الأمثل للاستفادة من رمضان. وجدت طلبي أخيراً، وسارعت لتنفيذ ما تعلّمت. فتحت المصحف وقمت بتلاوة بضع صفحات، وبعد أن أنهيت شعرت بشعورٍ رائع وخاصّة بعد أن تذكّرت أن الحسنة بسبعين. وبعدها تناولت إفطاراُ خفيفاً لأن الله لا يحب
المسرفين. فاستطعت عندها أن أؤدّي صلاة التراويح بدون مشقّة تذكر. وعندما رجعت إلى المنزل شعرت بجمال رمضان، إلّا أنني ما زلت أشعر بأن هناك نقص ما.
15 رمضان ١٤٤١ هـ:
مضت الأيّام بين تلاوة قرآن وصلاة تراويح . كانت أمّي تطلب منّي المساعدة في المطبخ، ولكنّني فضّلت الراحة متحجّجة أنّني أوفّر طاقتي للعبادة. ولكنّني قرّرت اليوم أن أساعدها لأن أخوالي مدعوون إلى الإفطار عندنا. كان العمل في المطبخ شاقاً، ولكن رؤية علامات الرضى والغبطة على وجه أمّي أنستني تعبي. فشعرت بلذّة لم أذق طعمها في هذا الشهر من قبل، إنّها لذّة العطاء.
16 رمضان ١٤٤١ هـ:
أحببت الشعور بلذّة العطاء. فقرّرت أن أقدّم المساعدة دائماً، كما واقترحت على والدتي أن نرسل حصّة من طعامنا إلى جارتنا الأرملة الفقيرة. وافقت أمّي على اقتراحي بسرور، وذهبت معها قبيل الإفطار إلى منزل الجارة وسلّمناها الطعام. وهناك وجدتُ أن ثياب أولادها رثّة مهترئة، فعندما عدتً إلى المنزل اتّصلت بصديقاتي وقرّرنا أن نجمع مبلغاً من المال كي نشتري لهم ثياباً للعيد.
29 رمضان ١٤٤١ هـ:
عدت للتوّ من منزل جارتنا بعد أن سلّمت الملابس الجديدة للأولاد. ما أروع الابتسامة التي ارتسمت على وجوههم! لقد كانت الأيّام المنصرمة أجمل أيّام حياتي! وكم يهين التعب عندما يكون في سبيل الله ! فعلى رغم الإرهاق، والحرّ الذي لا يطاق، وجدت أنّ لرمضان طعم لا مثيل له. فلا المسلسلات ولا النوم ولا الإسراف في الطعام يعين على مشقّة الصيام، بل إنّه الزّاد الذي نحصل عليه جرّاء أعمالنا الحسنة والذي يغسل أرواحنا ويسمو بها نحو العلاء.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة