رئيسة رابطة المرأة الفلسطينية في الخارج/فرع لبنان
هل نملك الدعاء فقط؟!
كتب بواسطة أ. سهاد عكيلة
التاريخ:
فى : آراء وقضايا
1642 مشاهدة
ما يحدث في فلسطين عامة وغزة خاصة، من سفك للدماء الغالية، وتدمير ممنهج لكل أسباب الحياة.. يفوق قدرة البشر على الاحتمال، ولولا لطف الله بأهلنا لما استطاعوا الصمود.. تقول زوجة أحد الشهداء: "الحمد لله طلبها ونالها.. كلنا فداء الأقصى.. رضينا عنك يا رب فارض عنا.. خذ من دمائنا وأموالنا حتى ترضى"..
مثل هذه المواقف لا تكون بغير تثبيت الله ومعيته، وهو سبحانه ليس بغافل عما يعمل الصهاينة وأعوانهم، وهو القادر على نُصرتهم بغير أسباب، ولقد علمنا المنهج القرآني أن ننظر في بواطن الأمور ولا نكتفي بظواهرها، وأن نرى الخير في كل ما يكون في ظاهره شر: (لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم..)، (أما السفينة، وأما الغلام، وأما الجدار...) كلها قصص حدثت لتعلمنا أن في أقدار الله حِكَماً غير ظاهرة علينا البحث عنها، ولتدربنا على الصبر وانتظار انكشاف مآلات الأمور..
وكل الذي يحدث لا ينفكّ عن سنن الله في هذا الكون.. وإن اختيار الله لهذه الثلة المؤمنة لتكون خط الدفاع الأول عن كرامة الأمة، ولتعطي العالم دروساً في قوة الإيمان وفي الثبات وفي الصبر على هذا البلاء العظيم رغم شدته وصعوبته.. إنما هو اصطفاء لهم، وفي الوقت نفسه إسقاط لشعارات "حقوق الإنسان" الزائفة التي يتغنى بها المجتمع الدولي ولا يطبق منها شيئاً عندما يتعلق الأمر بالمسلمين، وهو فضحٌ لخونة العرب وإرغاماً لأنوفهم وقد انحازوا لأعداء الله ورسوله والمسلمين..
وهو اختبار لنا.. فماذا عنا؟ هل ننصرهم، أم نكتفي بالمتابعة والتحسر؟ وهل نكون شركاء الصمود والانتصار.. أم نتركهم وحدهم لمصيرهم.. ونقصر في واجب النصرة؟
كثيراً ما يكون الجواب: لا نملك إلا الدعاء لهم.. فهل نحن حقاً لا نملك غيره؟
في الواقع نحن نملك الكثير الذي ينبغي أن يكلله الدعاء.. علينا اتخاذ مختلف أسباب القوة التي نستطيعها على قاعدة: (وأعدوا...):
- العمل على إصلاح أنفسنا، والسعي لإصلاح مَن حولنا أول خطوة على درب الانتصار: (إن تنصروا الله ينصرْكم ويثبت أقدامكم..) فإن الإيمان الحق هو الذي يُحدث الفرق في معركة الحق والباطل: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة.. )
- نشر الوعي حول فلسطين بمختلف الوسائل المشروعة: جوهر القضية وطبيعة الصراع والمراحل التاريخية التي مر بها.. وشرح ما يحدث الآن للنشء بما يتناسب مع قدراتهم وأفهامهم، وتربيتهم على أنهم جيل النصر القادم بإذن الله.
- تحقيق أقصى استفادة من وسائل الإعلام، وخاصة الإعلام الجديد.. وهنا يبرز دور جيل الشباب بشكل مركّز وفعال، وكذلك دور المؤثرين واليوتيوبرز، من خلال تشكيل مجموعات دعم وإسناد على وسائل التواصل الاجتماعي، مهمتها تكثيف الرسائل الداعمة من جهة، وتلك التي تحتوي على حقائق حول القضية بعدة لغات، لتحقيق هدفين:
الأول: إرسال رسالة لأهلنا بأنكم لستم وحدكم في معركة الكرامة التي تخوضونها، وبأننا نقف خلفكم ونساندكم وندعمكم بكل ما أوتينا من قوة.. وهذا مما يثبتهم ويقويهم ويكرس مفهوم الأمة الواحدة بشكل عملي.
الثاني: إيصال الصوت للعالم.. وتعريف الشعوب بحقيقة ما يجري، بما يدحض الرواية الصهيونية والرسائل المضللة، ويظهر الحقائق، ويكرس حالة تعاطف شعبي عالمي.
فالمعركة إلى جانب كونها ميدانية، هي إعلامية بامتياز، وقد بلغ تأثير الإعلام في المعركة لدرجة أن يعمد الصهاينة إلى تدمير برج الجلاء في غزة الذي يضم عدداً كبيراً من وسائل الإعلام العربية والعالمية، وما ذلك إلا محاولة منهم لطمس الحقائق، واحتكار الرواية وتزييفها وتجييرها لصالحهم للتأثير في الرأي العام العالمي.. فضلاً عن أنهم يوجهون شبابهم للدخول في نقاشات موسّعة بلغات مختلفة تشرح وجهة النظر "الإسرائيلية".. فلا يستهينن أحد بدور الإعلام، ولا بأثر الكلمة.. فأحياناً يكون لها فعل الرصاص إذا عرفنا كيف نصيغها، وفي أي قالب نضعها ونوظفها في خدمة قضايانا.
- الدعم المالي، وهذا أوجب الواجبات، وحق لهم علينا، مما يعينهم على الاستمرار.. وهنا موضع التنافس في الخير، وفي إبراز صور مشرقة للإنفاق والبذل في سبيل الله.
- توحيد الجهود: من الضروري أن تعمد المؤسسات الداعمة للقضية الفلسطينية، إلى توحيد جهودها وبرامجها، من خلال تشكيل غرف عمليات مشتركة، لكي تنتج عملاً نوعياً - غير مشتت - داعماً للقضية وناصراً لأهلنا في فلسطين..
- والدعاء الخالص لله، أساس أي عمل، تماماً كالبُنية التحتية التي لا يرتفع البناء ولا يصمد بدونها، الدعاء على الدوام، قبل وأثناء وبعد.. وفي كل وقت؛ هو سهم الصالحين يرتفع نحو السماء ويعود محمّلاً بالبشريات بإذن الله تعالى.
نحن بهذا إنما ننصر أنفسنا، ونثبت لها ابتداءً إنسانيتنا، وبأننا جزء لا يتجزأ من هذه الأمة، ونُري الله منا خيراً، وننال شرف المشاركة في جهاد العدو قدر استطاعتنا، دفاعاً عن إخواننا ومقدساتنا.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
مسرى الأرض ومعراج السماء.. بيان وأضواء!
عامٌ مَرّ..
كشف الثقوب.. في أدعياء علم الغيوب! الجزء الثاني
كشف الثقوب.. في أدعياء علم الغيوب!
ضَوْءٌ لَمَعَ وَسَطَ المَدِينَة