حين تمطر السماء موتا
حين تمطر السماء موتا
هكذا كانت سماء رابعة في مثل هذا الوقت منذ مائة يوم
الموت يحيط بك وبأحبابك ، ولم يعرف اليأس او الخوف لتلك القلوب سبيلا
كل من شهد ذلك المشهد كان يري خوف الآخر أكثر مما يخاف الفرد علي نفسه
تجد لهفة في العيون الدامعة من أثر الغاز ، والأجساد المنهكة من الحر وكثرة الموت ، تجد اللهفة تبحث عن طفل لا يعرف كيف يتنفس وسط هذا الركام ، تبحث عن جريح يحمل جثة شهيد كي تساعد في نقلهما معا ،... تبحث عن حبيب مفقود لتجد عيون ألف حبيب يحيط بك كلهم لهم نفس العين المتلهفة
في مثل هذا الوقت ، خلي الميدان تقريبا إلا من الشهداء الذين يحملون جثامين إخوانهم الشهداء
خلت الساحة فما كان منا نحن نساء الموت إلا أن توجهنا إلي المستشفي الميداني مسرعين بالتكبير كي ندفع جحافل جيوش العدو التي لم تكتفي بالقتل ، وإنما أرادت قتل القتيل مرة أخري ، قتله محروقا بعدما قتلوه برصاصات الغدر
الله أكبر الله أكبر ، كانت تخيفهم تكبيراتنا
جحافل مدججة بالسلاح ، ومدرعات لم نري لها مثيلا من قبل ، وطائرات تغطي المذبحة ، كانت تخيفهم تكبيرات النساء فتعيدهم ككلاب مسعورة جائعة ترغب في أكل الأحبة الشهداء
خارت القوي
جفت الدموع
لم تحتمل أقدامنا حملنا
خارت الأجساد ووهنت لكن العزائم كانت أوي مما كانت
الآن نحن بساحة مسجد رابعة
والسماء ما زالت تمطر علينا موتا قادما من ناحية عمارة المنايفة ، عمارة الشرف والبطولة ، العمارة الأسطورة
في ساحة المسجد تحيطنا جثامين ومصابين لا نملك لهم سوي الدعاء ودموع جافة
وعزيمة أكيدة علي الصمود في وجه الموت حتى نقهره
في رابعة رأينا
ويا لهول ما رأينا
متى يا رابعة تبوحين بكل ما عندك
متى البوح يا رابعة
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
هل تظنُّون؟!
السنوار... رسالة الرمق الأخير
فلْتَكُنِ العربيّة مادّة وازنة!
من شموس المشرقين.. في تاريخ هذا الدين!
فكُن إيجابيًّا