باحثة متخصصة في القضية الفلسطينية ورئيسة (ائتلاف المرأة العالمي لنصرة القدس وفلسطين).
هل سنعود؟
لطالما ردد أهل فلسطين: «عائدون»، فهل حقاً سيعودون؟
لطالما تغنوا بالعودة، وجسر العودة، وأجراس العودة.. فهل هي مجرد أوهام يسيرون خلفها، ويجدون فيها تسرية لهم في الغربة التي طالت أيامها؟
التاريخ يحفظ لنا حقبة من الزمن تكاد تكون متطابقة تماماً مع ما نراه اليوم؛ فإذا كان الصهاينة اليوم قد وفدوا إلى أرض فلسطين من بولندا وأوكرانيا وألمانيا.. فقد وفدت قبل ذلك، ومنذ حوالي 90 قرناً، وفود الفرنجة من مختلف النواحي الأوروبية. وإذا كان الصهاينة اليوم يريدون إعلان تهويد الدولة، فإن الفرنجة جاؤوا يومها حاملين الصليب.
دخلت جحافل الفرنجة إلى الشام، فأسسوا فيه أربع إمارات: إمارة الرُّها، إمارة أنطاكية، إمارة طرابلس، وتقودهما الإمارة ذات الريادة لهم جميعاً: «مملكة بيت المقدس». ومجموع مساحتهما يماثل تقريباً المساحة التي يحتلها الكيان الصهيوني اليوم!
تحكي لنا مصادرهم أن جيوشهم المنتصرة قد اجتاحت المدن، فاحتمى الناس منهم خلف أسوار مدينة القدس تحديداً، ولعل السبب في ذلك هو حصانة سورها، ولعلهم توهموا أن المدينة المقدسة عند الجميع ستردع من جاؤوا حاملين الصليب، يدَّعون أنهم «جنود الرب»! فلن يبطشوا بهم فيها... لكنهم في الحقيقة كانوا واهمين، فقد هاجم الجنود المدينة المقدسة، وقتلوا في أروقتها التي شهدت وطأ أقدام السيد المسيح سبعين ألفاً من الأبرياء العزّل!!
خلت المدينة المقدسة من أهلها، وصارت في قبضة الغزاة، وفاحت بها رائحة الموت تزكم الأنوف، وعندما حان موعد الصلاة لم يكن بالمدينة أحدٌ من المسلمين يرفع الأذان في مسرى صلى الله عليه وسلم
توقف الأذان عن المسجد الأقصى، وهو الذي لم يسبق له أن توقف الأذان فيه منذ أن دخل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ساحة الأقصى المباركة!
ظل المسجد الأقصى بغير أذان، بغير صلاة، بغير قرآن.. لمدة طالت ثمانية وثمانين عاماً، تحول خلالها إلى مساحة مشوهة المعالم؛ جزء منه كنيسة، وناحية منه للسكن، وناحية اصطبل للخيول تتناثر فيه فضلات الدواب، وتُشم فيه رائحتها!
وخلال هذه السنوات الطوال، حاول المسلمون مراراً أن يرفعوا رأسهم، ويزيلوا الغمة التي حلت بهم. لكن خيانة العملاء، وعشاق كراسي الحكم، بالإضافة إلى المدد الآتي من الغرب الأوروبي، كانت تدعم الغزاة الذين استوطنوا الأرض، وحلوا في الديار بعد غياب أهلها!!!
ولعل أهلنا الذين خرجوا يومها من دورهم، في القدس وما حولها، تغنوا بأغاني العودة، وترقبوا يوم العودة، تماماً كما يتغنى أهل فلسطين اليوم، ويترقبون منذ سنوات!!!
لكن يوم الفتح جاء،لم يتأخر عن موعده... جاء حين قامت الأمة، وأزالت الخونة عن كراسيهم، وأطاحت برؤوس العملاء، فلم يُغْنِ عن المغتصبين ساعتها مدد يأتي من هنا أو من هناك... ذاك هو الموعد المحدد للنصر والفتح!!
وخرج من بقي من الفرنجة... فإلى أين ذهبوا؟! لقد عادوا من حيث جاء آباؤهم وأجدادهم... رجعوا إلى بلادهم .
واليوم يجثم الصهاينة على البقعة المباركة التي تضم مسرى نبينا صلى الله عليه وسلم، لكنّ الأذان - رغم كل شيء - لا يزال يصدح في ساحة الأقصى، وأهلنا في القدس يذودون عن شرف الأمة كلها، بصمودهم البطولي أمام الصهاينة!!
مر الآن على قيام دولة الباطل في أرضنا السليبة سبعة وستون عاماً، فلماذا نستبعد أن يعود من بقي من الصهاينة إلى بلاد أجدادهم الحقيقية، التي أتوا منها مدّعين الكذبة الكبرى بأن أرض فلسطين هي أرض الأجداد؟!
حتماً سيأتي هذا اليوم الذي تقوم فيه الأمة، وتزيل الخونة من فوق الكراسي، وتطيح برؤوس العملاء، ويكون النصر والفتح!!
يومها سيعود هؤلاء الذين احتفظوا بمفاتيح الدور... ومن مات منهم سيعود أبناؤه حاملين المفاتيح، ويذكرونه بالخير وهم يدخلون الدور التي اشتاقت لأهلها!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة