الحقيبة المدرسية المَقْدسية
تروي سنديانة فلسطين الحاجّة أم كامل الكرد، المرابِطة في خيمة على مشارف بيتها المسلوب في حي الشيخ جراح من أحياء القدس، أن العائلة اليهودية التي استوطنت بيتها كانت تُحضر ألعاب فك وتركيب puzzles لأطفالها الصغار تحمل صورة المسجد الأقصى، مما كان يثير استغرابها، ولكنها لم تلبث أن فهمت القصد من ورائها... إنها ألعاب تقوم على فكرة تفكيك صورة المسجد الأقصى وتركيبها مرة أخرى بصورة الهيكل!
أطفال لم يبلغوا الحلم وسن الإدراك لا شرعاً ولا قانوناً، ومع ذلك يحرص العدو الصهيوني أن يربيهم منذ نعومة أظفارهم على عقيدة «شعب الله المختار» و«إسرائيل الكبرى» و «دولة الهيكل»، حتى أنهم سمَّوْا المدينة والأنفاق التي حفروها تحت المسجد الأقصى بمدينة ونفق «الأجيال» في تأكيد على التواصل ما بين الأجداد الذين أسسوا الدولة والأحفاد الذين سيحافظون على مستقبلها!
أدرك العدو بالعلم والخبرة أن الطفولة هي مصنع العمر، والمحطة الأهم لتكوين الشخصية، وأن العلم في الصغر يُنقش في العقل ولا يُمحى، بينما لا زلنا في عالمنا العربي نعامل الطفولة كمرحلة للهو ورفع القلم واللامسؤولية، ولا نقيم للأطفال وزناً في الأمور المهمة والعظيمة!!!
وإذا كانت الطفولة مصبوغة باللهو والسهو في عموم دولنا العربية فهي ليست كذلك في فلسطين، فمن لم تصنعه همة والديه طفلاً عظيماً - أو طفلة - كأفضل ما يكون الرجال والنساء أجبرته ظروف الحرب والحصار والاستهداف المتعمد في البيت والشارع والمدرسة على أن ينسى اللعب والمرح ليقتحم الميدان فيصبح أسيراً وشهيداً ومبعَداً...
وبناء على هذه الأهمية والأمل الذي نعوِّله على الأطفال، فقد أطلق ملتقى القدس الثقافي في الأردن (مشروع الحقيبة المدرسية المقدسية) التي تعتبر أكثر الأدوات التصاقاً بالنشء بهدف تعريفهم وربطهم بالقدس والمسجد الأقصى وكل ما يتعلق به من مفاهيم القدسية والبركة والنصرة. وتزداد أهمية المشروع في الوقت الذي تخضع فيها مناهجنا العربية لتفريغ متعمَّد من أي مضمون يتعلق بالقضية الفلسطينية والمقدسات وحقوق العرب والمسلمين فيها. والحقيبة لا تحوي فقط قرطاسية خاصة تحمل صوراً وشعارات تتعلق بالقدس والمسجد الأقصى، وإنما تحوي كذلك قصة عن صلاح الدين الأيوبي تروي قصة فتحه لبيت المقدس، ويُرفق مع القصة لباس صلاح الدين وسيفه وتاجه، وكذلك لعبة تركيب (بازل) للأطفال... والمشروع يكلف في مرحلته الأولى ما بين 25-35 ألف دينار أردني.
يستثمر الصهاينة الملايين لتربية أبنائهم على باطلهم، ونحن أَوْلى بذلك لتربية أطفالنا على حقنا بما يتناسب مع مراحلهم العمرية المختلفة.
لقد روي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصانا أن نبعث بزيت يُسرج في قناديل الأقصى، في إشارة إلى الدعم المادي باختلاف الأزمنة. وهذه الوصية بالمدد أحدُ أهدافها إعمار المكان، والمكان لا يَعْمُرُه ويحافظ عليه بحفظ الله إلا إنسان، وأول عمارة الإنسان تكون في الطفولة، ومشروع الحقيبة هو شيء من زيت الأطفال الذي يحتاجونه حتى يشبّوا على محبة الأقصى ليكونوا في يومٍ ما جنودَ الرباط والتحرير.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة