صَدَقة الرُّوح!
رأيت البنت البارحة قد أخذت شيئاً من الفاصولياء وشيئاً من الرز، وضعتهما في طبق كبير من النحاس، ووضعت عليهما قليلاً من الباذنجان، ورمت في الطبق خيارة وحبات من المشمش.... وذهبت به، فقلت : لمن هذا يابنت؟ قالت للحارس، أمرتني سته أن أدفعه إليه.
قلت: ارجعي ياقليلة الذوق، هاتي صينية، وأربعة صحون صغار، وملعقة وسكيناً وكأس ماء، وضعي كل جنس من الطعام في صحن نظيف، فوضعت ذلك كله في الصينية مع الملعقة والسكين والكأس.
وقلت: الآن اذهبي به إليه.
فذهبت وهي ساخطة تبربر وتقول كلاماً لا يفهم.
فقلت: ويحك هل خسرت شيئاً؟ إن هذا الترتيب أفضل من الطعام، لأن الطعام صدقة بالمال، وهذه صدقة بالعاطفة، وذلك يملأ البطن، وهذا يملأ القلب، وذلك يذل الحارس ويشعره أنه شحاد مُنّ عليه ببقايا الطعام، وهذا يشعره أنه صديق عزيز أو ضيف كريم.
وتلك يا أيها القراء الصدقة بالمادة، وهذه الصدقة بالروح، وهذه أعظم عند الله، وأكبر عند الفقير، لأن الفرنك تعطيه السائل وأنت مبتسم له أندى على قلبه من نصف الليرة تدفعها إليه متنكراً متكبراً عليه، والكلمة الحلوة تباسط فيها الخادم، أبرد على كبده من العطية الجزيلة مع النظرة القاسية.
فيا أيها المحسنون، أعطوا من نفوسكم، كما تعطون من أموالكم، وأشعروا الفقراء أنكم إخوانهم، وأنكم مثلهم، وانزلوا إلى مكانتهم لتدفعوا إليهم الصدقة يداً بيد، لا تلقوها عليهم من فوق، فإن صرة الذهب إن وُضعت في يد الفقير أغنته، وإن أُلقيت على رأسه من الطبقة السادسة قتلته!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"

المرأة والفتن الإعلامية… وعيٌ إيماني في زمن السوشيال ميديا
الإنسان كما يريده القرآن ـ الجزء الحادي عشر
عالم الجيولوجيا والداعية الإسلامي الكبير د. زغلول النجار رحلة الإيمان في معارج القرآن
أدب الحوار والجوار.. بين لغة العقل وهشيم النار
حين يكون الصدق قيمة عُليا