صدقة جارية عن المرحوم
كتب بواسطة د. حاكم المطيري
التاريخ:
فى : في رحاب الشريعة
4069 مشاهدة
لنا زميل بالجامعة توفى مؤخرا، حابين نعمل مشروع دعوي على السوشيال ميديا لتذكير الناس بالدين بحيث يكون المشروع صدقة جارية على روح المرحوم، فما حكم هذا العمل؟
ج/ شكر الله لكم عملكم، ونعم الصحبة أنتم لصاحبكم، وعظم الله أجركم، وجمعكم وإياه بالفردوس الأعلى..
نعم الصدقة عن المتوفى المسلم مشروعة، ويصله ثوابها بإذن الله، كما في حديث عائشة في قصة سعد بن عبادة، حين سأل النبي ﷺ عن أمه حين توفيت، فقال "إن أمي افتلتت نفسها، وأراها لو تكلمت، تصدقت، أفأتصدق عنها؟ فقال رسول الله ﷺ : نعم".
وفي الصحيحين في خبر الخثعمية التي سألت النبي ﷺ عن أبيها شيخ كبير لا يستطيع الحج، هل يجزئ أن تحج عنه؟ فقالﷺ نعم"!
وكذا في حديث ابن عباس، أن النبيﷺ سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، قال: من شبرمة؟ قال: أخ لي -أو قريب لي- قال: حججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة"!
وفي الصحيح "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"..
فكل هذه الأدلة تفيد وصول ثواب أعمال البر للمتوفى، سواء تصدق بها عنه ولده، أو قريبه، أو صاحبه، ولا يتعارض هذا مع قوله تعالى ﴿ألا تزر وازرة وزر أخرى. وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾، فقد قال سبحانه أيضا ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم﴾،
فالآية الأولى في سياق كمال عدل الله في قضائه بين عباده بالقسط يوم القيامة، وأنه لا يُظلم أحد، ولا يحمل أحد عن أحد إثما، وليس للإنسان كائنا من كان ما يجب على الله، وما يستحق به الجزاء إلا سعيه،
وأما الثانية فهي في بيان الفضل الإلهي، وسعة رحمة الله، فألحق الأبناء المؤمنين بآبائهم في الجنة، وإن لم يعملوا كعملهم، فهذا محض جوده وفضله ومشيئته، كما قال تعالى ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾، ولهذا أمر الله بالدعاء للمؤمنين والاستغفار لهم ﴿ربنا اغفر لنا ولأخواننا الذين سبقونا بالإيمان﴾، ولولا أنه ينفعهم دعاء غيرهم واستغفارهم لهم، إذا قبله الله منهم، لما كان للأمر به معنى!
كما أن من سعي الإنسان ما قد يُفعل نيابة عنه، سواء كان حيا أو ميتا، إذ لا يُفعل عادةً عن أحد عملٌ صالح إلا لسبب كان منه، استدعى من غيره فعله عنه، كإحسانه للناس، وحسن سيرته فيهم، ودعوته إياهم للخير، ومحبته لهم، فيحملهم ذلك على التصدق عنه بعد وفاته والدعوة له، فيكون ذلك من سعيه هو بشكل غير مباشر، وأثرا ممتدا من آثار عمله في حياته، ولهذا جاء في الصحيح "من دعا إلى هدى أو خير كان له من الأجر مثل أجور من عمل به، لا ينقص من أجورهم شيئا"، فمع أنه عملهم وسعيهم إلا أن للداعي مثل أجورهم، لأنه كان سببا في هدايتهم، فكان ذلك من سعيه أيضا، وإن كان بعد وفاته..
وأفضل أنواع الصدقة عن المتوفى هو:
١- ما كان متعديا نفعه لأكبر عدد.
٢- وما كان نفعه دائما لأطول مدة.
٣- وما كان الناس أشد حاجة إليه.
وبلا شك كل ذلك متحقق فيما تريدون عمله لصاحبكم، فتقبل الله منكم، وغفر له ولكم، وأثابكم على بركم بصاحبكم..
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة