أخطاء شائعة في استقبال العام الجديد
كتب بواسطة نجلاء محفوظ
التاريخ:
فى : المقالات العامة
920 مشاهدة
يظلم الكثيرون أنفسهم بسوء استقبال العام الجديد، ويصنعون بأيديهم (خسائر) يمكنهم تجنبها، وصنع (مكاسب) كثيرة تسعدهم وترضيهم..
نبدأ بتوقع أن يكون العام الجديد بمثابة البوابة السحرية التي ما أن نخطو نحوها حتى تتبدل كل تفاصيل حياتنا، وكأن العام الجديد سيأتي (محملًا) بالهدايا المجانية، وقد علمتنا الحياة أنه لا يوجد شيء مجاني وأنها لن تقدم لنا سوى ما قمنا (بزراعته) فهي مجرد (مرآة) لعقولنا ونتيجة لتصرفاتنا ومن ينس ذلك (أو يتناساه) يسمح للأعوام بالتسرب من بين يديه بدلاً من الاستفادة منها..
وضوح وإيجابية
تظهر الأبحاث أن 80% من قرارات السنة الجديدة يتم التخلي عنها بعد شهر أو أكثر؛ ليس لصعوبتها، ولكن لعدم الالتزام بها، لذا ضع جدولاً زمنياً للتنفيذ والتزم به.
تذكر؛ عدم الالتزام بالخطة يضعف الثقة بالنفس ويقلل من تقدير الذات فلا تسمح بذلك..
سبب رئيس للفشل بالالتزام عدم التفكير الجيد لتحقيق الخطط بخطوات عملية وواقعية..
اكتب خطتك بوضوح وبإيجابية؛ فلا تقل لا أريد أن أؤجل كعادتي، وقل سأكون حازمًا وألتزم، ولا تكتف بالقول: سأتخلص من العصبية، بوضع الخطوات التنفيذية لها مثل: سأقلل من الحساسية الزائدة وسأفكر قبل الرد ولن أندفع مجددًا، وسأنتبه وأوقف الانفعال عند بداياته؛ بالصمت والتنفس بهدوء من الأنف فقط مع غلق الفم ومد البطن للأمام قليلاً ليرتفع الصدر قليلاً؛ فهذا الوضع يساعد على الهدوء مع الاعتدال بالجلوس أو الوقوف، وهكذا بكتابة تفاصيل كل بند من بنود خطتك للعام الجديد مع التعامل معها بالمرونة اللازمة للتعديل إذا احتجت لذلك..
امنع الخسائر
يخطئ كثيرون بالبحث عمن يشجعهم ليبدأوا سوياً العام الجديد؛ فالبحث عمن يدعمك خارج نفسك كمن يغلق على نفسه باب حجرته من الداخل ويطفئ الإضاءة، ويطلب من الآخرين إضاءة حجرته، كن الداعم (الوحيد) لنفسك بعد الاستعانة بالرحمن بالطبع..
نصل لخطأ (بعثرة) أحلامنا وأمنياتنا للعام الجديد على الآخرين، سواء بالواقع أو بوسائل التواصل الاجتماعي؛ فضرره بالغ جداً، لأننا نتأثر سلباً بالتعليقات السلبية، وما أكثرها، ونستنفذ جزءًا مهمًا من طاقاتنا بالرد على المحبطين أو من يستخفون بطموحاتنا، وقد نخسر بعضهم إنسانياً أو نتعامل بتحد فنحمل أنفسنا عبئاً نفسياً هائلاً، وما كان أغنانا عن ذلك لو احتفظنا بأحلامنا لأنفسنا..
السيء والأسوأ
من السيء الاكتفاء بالتفكير بأهدافنا بالعام الجديد وعدم المسارعة بكتابتها، حتى لا ننساها ونوصي بقراءتها يوميًا ومراجعة ما حققناه منها أسبوعيًا؛ للاحتفال بما نجحنا به لنضاعف شكر الرحمن على توفيقه لنا ثم نجعله وقودًا لتحقيق الأفضل..
وعند وجود أي تراجع، وهذا أمر محتمل، من الخطأ اعتباره هزيمة ومقدمة لتراجعات حتمية، أو لفشل الخطط التي وضعناها، فيجب معرفة كيف حدث هذا التراجع؛ هل لأننا مررنا بأوقات قاسية لم نستطع خلالها الالتزام بخططنا، أم لأننا كنا غير واقعيين ووضعنا أهدافًا غير ممكنة التحقيق كإتقان لغات أجنبية بأشهر أو غير مرتبطة بقدراتنا كالحصول على ترقية بوقت سريع دون فعل ما يجعل ذلك واقعًا..
والأسوأ هو عدم وضع أي خطط وكما يقول البعض (أهي عيشة والسلام)؛ ومن يقولها لا يتناول أي طعام بل يسعى ليأكل طعاماً جيداً، بينما يحرم نفسه من حياة ناجحة وسعيدة (تليق به) وتفيده دينياً ودنيوياً، فسيسألنا الرحمن عز وجل عن أعمارنا كيف قضيناها، وسيخسر كثيراً من لم يخطط لكل عام، فستتسرب الأيام؛ ويفاجأ بانتهاء العام وربما أعواماً كثيرة وهو يتراجع، فمن لم يتقدم بحياته سيتراجع حتماً..
راقب توقعاتك
يؤذي الكثيرون أنفسهم بتوقع أن يتفهم من يشاركونه الحياة سعيه ليكون أفضل وأن يساعدوه ويتوقفوا عن الأمور التي تضايقه منهم (ليتفرغ) للنجاح بخططه، ولن يفعلوا ذلك؛ ليس لأنهم سيئون، ولكن لأنهم مشغولون بأنفسهم، وهذا حقهم، والصواب تغيير ردود أفعالنا وألا نعطي سخافات البعض أهمية ونسارع بتجاوزها والانشغال بأمورنا..
ونتمنى الاعتدال بالتوقعات من النفس أيضاً، فمن يرغب بالتخلص من عيب لازمه طويلاً لن يتمكن من ذلك بأسابيع بل سيستغرق وقتًا أطول، فلنعطي أنفسنا الوقت الكافي لنتحسن، مع الفرح (الذكي) بأي تقدم، وهو ذكي لأنه يحفزنا لمواصلة التقدم وعدم الاكتفاء به..
قنابل وسموم
نحذر من خطأ الوقوع بفخ التفاؤل الزائد أو التشاؤم؛ فالأول يوهمنا بنجاحات بلا عقبات، ولن يحدث ذلك وسنفاجأ بالعراقيل التي ستحدث وستؤلمنا، فكما قيل -عن حق- الإنسان المفاجئ نصف مهزوم، أما التشاؤم فهو كمن يحتضن قنابل موقوتة وستنفجر فيه واحدة تلو الأخرى، وخير الأمور الوسط...
ومهم بالعام الجديد أن نفعل مثلما ننتقل لمنزل جديد، فنأخذ (فقط) أفضل الممتلكات (ونضيف) الجديد ليكون البيت الجديد (أبهى) وأجمل، وهو ما يجب فعله بالعام الجديد؛ فنتخلص مما تسبب بخسائر بالعام الماضي من أفكار وعلاقات وتصرفات وأشخاص تسببوا بإيلامنا؛ فنسارع بتغيير الأفكار والتصرفات، ونتجنب الأشخاص الذين تسببوا بخسارتنا أو نضع (سواتر) نفسية تمنع امتصاصنا لسمومهم إذا كنا لا نستطيع تجنب التعامل معهم كعلاقات العمل أو صلة الرحم التي يجب الحرص عليها ابتغاءً لوجه الله عز وجل.
واجه بأمانة
نوصي بكتابة أخطاءنا بالعام الماضي حتى لا نكررها، وكتابة ما لم ننفذه من خطة العام الماضي لإضافته لخطة العام الجديد ونرى هل يحتاج لتطوير، ولا نتكاسل ولا ندعي عدم احتياجنا له..
ونواجه النفس بأمانة عن سبب عدم تحقيقها وهل تنقصنا بعض المهارات فنسارع باكتسابها، أم قمنا بتأجيلها لأننا رأينا صعوبتها، وما نراه صعبًا لن يكون كذلك إذا قمنا بتقسيمه...
ولا تبحث عن إيجابيين لتستمد منهم القوة؛ كن أنت الإيجابي لتسعد نفسك، وتمد يد العون لمن (يرغب) بذلك ولا تفرض رؤيتك للحياة على أحد؛ فستستنزف طاقتك وتنشئ صراعات (تعطلك) وتحبطك...
فرح ورضا
تذكر أهمية أن تشمل خطة العام الجديد على تقوية علاقتك بربك (والفرح) بأداء العبادات؛ فهي نعمة ترفعك درجات دينياً، وتقويك دنيوياً، فستتضاعف قوتك النفسية وتوكلك على الله عز وجل وترك الاعتماد على البشر أو انتظار دعمهم...
واحرص على تطوير مهاراتك بالعمل والمشاركة بعمل تطوعي يناسبك، ولو لبضعة ساعات أسبوعياً؛ وستفوز بالثواب والرضا الجميل عن النفس وهو من أهم أسباب الفوز بالصحة النفسية وبالسعادة، وستزيد خبراتك الإنسانية والعملية...
واهتم بتحسين علاقتك مع الأهل وألا تكون غريبًا ببيتك أو أسرتك الكبيرة، واسعد نفسك بكنوز صلة الرحم الدينية والدنيوية، ويكفي الحديث القدسي الشريف (قال الله تبارك وتعالى أنا الله وأنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن وقطعها بتته)، ودنيوياً ستتسع علاقاتك الإنسانية وستقل مشاكلك الأسرية وسيمنحك (براحاً) جميلاً تستحقه يساعدك للتفرغ لتحويل أحلامك لواقع ينير عمرك والعكس صحيح عند سوء علاقتك الأسرية...
قلل وراقب
تنبه لصحتك الجسدية والتمتع باللياقة والرشاقة؛ فبدونهما تحرم نفسك من جودة الحياة، مع احترام وقتك، بتقليل الوقت الذي تخصصه لوسائل التواصل الاجتماعي التي تبعدك عن الواقع واحتوائها على طاقات سلبية واهتم بدلاً منها بالقراءة؛ لأنها تهدئ العقل وتوسع الأفق وتزيد النضج فاستمتع بها..
راقب من تقضي معهم أوقاتاً طويلة؛ فإذا كانوا محبطين دوماً أو كسالى أو يعيشون بالحد الأدنى من الطموحات فابتعد عنهم فمن السهل أن يجذبوك للقاع..
احرص على تخصيص وقت بخطتك للترويح عن نفسك ولممارسة هواياتك ولا تبالغ بالجدية؛ فستضيق حياتك وتضعف قدراتك.
إذا تراجعت لأي سبب عن تحقيق خطتك للعام الجديد؛ لا تتمادى واستأنف طريقك بحماس فهي حياتك وحدك، ولن تكون أفضل إلا بيديك وحدك، بعد الاستعانة بالرحمن، واحرص على أن يكون كل يوم لك وليس عليك..
وليكن من أولوياتك بالحياة طرد ما يزعجك وما يؤخرك بالحياة أولا بأول والتركيز على ما يفيدك ويسعدك، وأن تبدأ العام الجديد بابتسامة واسعة وبقوة وعزيمة؛ لتكون المؤمن القوي الذي يحبه الرحمن ولا تسمح بأي تراجع أو نقصان أبدًا، وفقك ربي وسدد خطاك..
المصدر : مجلة المجتمع
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن