ولد في مدينة حلب من سورية عام 1370هـ الموافق 1951م، دخل كليّة الشريعة في جامعة دمشق عام /1969/م وتخرّج فيها عام /1974/ م. عمل إماماً وخطيباً في بعض المساجد في حلب، كما عمل في التعليم في بعض المدارس المتوسّطة والثانويّة التابعة لوزارة التربية . ثمّ عمل مدرّساً في الثانويّة الشرعيّة. بعد خروجه من سورية قدم إلى المملكة العربيّة السعوديّة بتاريخ 1403هـ، وعمل في مدارس الفلاح أحد عشر عاماً ، ثمّ تركها،
1 الرئيس رجب طيّب أردوغان: مَعالم سيرة ومسيرة، بين القيادة والإصلاح والبناء
يقول الله تعالى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ } [القصص: 5] .
تمهيد لا بدّ منه:
منذ ظهر حزب العدالة والتنمية على مسرح السياسة في تركيا، انطلق انطلاقاً سريعاً من نجاح إلى نجاح.. وقفز قفزات تسابق الزمن من بلدية إسطنبول الكبرى إلى الأغلبيّة في البرلمان إلى رئاسة الوزراء.. إلى النجاح الرائع في القضاء على الانقلاب عام /2016/م، الذي خطّط له بدهاء ومكر، وأنفقت عليه المليارات، التي ذهبت هباء منثوراً.. ولكنّ عامّة الشعب التفّ حول رئيسه التفافاً كان بمثابة استفتاء عليه، وعلى حزبه ثمّ الوصول إلى رئاسة الجمهوريّة.. ثمّ النجاح الأخير في انتخابات رئاسة الجمهوريّة.. التي لم تكن انتخابات طبيعيّة أبداً.. فقد تدخّلت فيها كلّ قوى الغرب الخفيّة والظاهرة، وبدون تخفّ ولا مواربة لإسقاط أردوغان وحزبه من مسرح السياسة في تركيا.. ثمّ كانت النتيجة مخيّبة لكلّ الأعداء والمُتربّصين.. وكان بطل هذه النجاحات كلّها أردوغان.. الرجل الأوّل في الحزب، وقائد مسيرته منذ الولادة ..
محطّات ومَعالم في سِيرتِه ومَسيرته:
قائد عبقريّ فذّ، ومسيرة حكيمة مُسدّدة:
لم يكن لطموحه سقف يحبسه، ولا غاية صغيرة يقف عندها.. لقد كان يريد إقامة علاقات تركيا مع العالم على أساس مكين من تعامل القويّ العادل، الذي لا يظلم، ولا يرتضي بحال أن يُظلم، ينصر الحقّ، ويدافع عن المُستضعفين، مستحضراً الدور التاريخيّ العظيم، الذي كان للدولة العثمانيّة في العالم خلال ستّة قرون، التي يراد لها اليوم أن تطمس من ذاكرة الأجيال، بتسلّط قوى الاستكبار العالميّ في الأرض..
لقد (استبشر ملايين الملايين من مسلمي العالم بفوز: " أردوغان "، الذي كسب قلوبهم بإنجازاته الرائعة، وإذا قلنا: إنّه صار الآن مثلاً أعلى للحاكم المُسلم المَطلوب لَمَا بالغنا أبداً.. فقد أثبت أردوغان بمواقفه الإسلاميّة الشجاعة حبّه للإسلام، وأنّه يريد استعادة مجده التليد، وعزّه السابق العظيم.
أمّا ماذا أعطى تركيا..؟! فحدّث عن البحر ولا حرج.. إنّه صعد بتركيا من الثرى إلى الثريّا، إلى سماء التقدّم الهائل في جميع المَجالات.. أخرجها من ورطة الديون القاصمة لظهرها إلى أن أصبحت تعطي الديون للآخرين بعد ما كانت تستدين.. الأمر الذي يدلّ على الاستراتيجية الدقيقة المُوفّقة، التي تبنّاها أردوغان للنهوض بتركيا، وإقامتها في مصافّ الدول الراقية المُعطية بعد ما كانت من الدول السائلة الآخذة..
وفوق ذلك.. قام رجب طيب أردوغان بمحاولات مشكورة لإعادة مكانة تركيا مرّة أخرى على المُستوى الدوليّ، بعد ما كانت أطلقوا عليها: "رجل أوربا المريض"، واسترداد عظمتها الإسلاميّة، التي كانت من مفاخر المُسلمين في مشارق الأرض ومغاربها) . الأستاذ محمد نعمان الدين الندوي . لكناؤ، الهند .
وقوفه بقوّة وحزم مع المُستضعفين في أرجاء الأرض مادّيّاً ومعنويّاً، وبخاصّة مع الشعب السوريّ: ولم يرتض بحال أن يتنازل عن هذا المَوقف، أو يساوم عليه، رغم أنّه كلّفه الكثير من التحدّيات والتآمر على رسالته المحفوفة بالمَخاطر، والمَعارك المَفتوحة عليه على كلّ المُستويات المَحلّيّة والإقليميّة والعالميّة.. وكان يعلن ذلك في كلّ مناسبة بوضوح لا يقبل اللبس، ولا يضع أيّ مجال للتنازل أو المُساومة..
فرض التعامل بندّيّة على الكبار، بكلّ قوّة واقتدار:
فالعالم اليوم لا يعرف، ولا يحترم، ولا يعترف إلاّ بمن يملك لغة القوّة.. ولو كانت ظالمَة غاشمة لا أخلاقيّة.. ولا مكان فيه للضعفاء إلاّ أن يكونوا في تبعيّة مهينة، مسحوقين تحت الأقدام، ومادّة متاجرة ومساومة، ولعب وتسلية..
والعاقل الحرّ الشريف، الذي يريد نهضة بلاده ورفعتها هو من يتقن لغة القوّة، ويملك أدواتها، ويجيد المُعاملة مع الغرب بالمِثل.. وهذا ما فعله أردوغان، ففرض على العالم كلّه احترام بلاده، وتحقيق مصالح شعبه، واحترام شخصه عند كلّ من تعامل معه.. وكانت أداته الكبرى في ذلك ما يتمتّع به من شخصيّة قويّة آسرة، ومصداقيّة في المَواقف عالية، وحزم لا يعرف الضعف والتهاون..
(لقد برهن الرئيس أردوغان من جديد على أنّه هو ربّان السفينة المُتمرّس في بحر متلاطم الأمواج، وأنّه أهلٌ لذلك المَكان وتلك المَكانة، بما حباه الله به من العقيدة الإسلامية الصلبة، والروح الإنسانيّة الرحبة، والحكمة السياسيّة العميقة، والحاسّة الاستراتيجية المُرهفة . فقد شاد الأركان، وقاد السفينة بأمان، وانتزع لتركيا مكانة تليق بتاريخها العريق . كما تعامل أردوغان مع القوى الدوليّة المُختلفة تعامل رجل الدولة القويّ، ذي النفس الأبيّة، المُعتزّ بدينه، الواثق من شعبه، المُستيقن أنّ البدائل الاستراتيجية وافرة، وأنّ بلاده ليست عالة على أحد، وهي قادرة على شقّ خطّها الاستراتيجيّ المُستقلّ، بعيداً عن دبلوماسية التوسّل والتسوّل)..
(كان الرئيس أردوغان قد اشتكى منذ خواتيم العام 2018، في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" وجّهه لحلفاء تركيا الأميركيّين، من أنّ "الولايات المُتّحدة فشلت باستمرار وإصرار في تفهّم واحترام مصادر قلق الشعب التركيّ"، وحذّر من أنّ "الولايات المُتّحدة إذا لم تبدأ في احترام سيادة تركيا، وتبرهن على تفهّمها للمخاطر التي تواجهها أمّتنا، فإنّ شراكتنا في خطر" . ثمّ ختم مقاله برسالة إنذار وإعذار لا لبس فيها: "على واشنطن أن تتخلّى قبل فوات الأوان عن الاعتقاد الخاطئ بأنّ علاقاتنا ليست نديّة، وأن تدرك أنّ تركيا لديها بدائل . فالفشل في وقف هذا المَسار الأحاديّ، وعدم الاحترام سيستلزم منا البحث عن أصدقاء وحلفاء جدد). من مقال: فوز أردوغان والأمل المتجدد.. للأستاذ محمد مختار الشَنقيطي.
* وكان من أثر انتصاره في معركة الانتخابات ما تقول صحيفة واشنطن بوست الأميركية: على الكونغرس الأمريكي فتح باب تزويد تركيا بمقاتلات "إف 16" الهجومية، فهذه ستكون خطوة عقلانيّة بعد الفوز القويّ، الذي حقّقه أردوغان في الانتخابات الرئاسيّة الأخيرة.
* على إدارة بايدن تقديم المَزيد من التنازلات لأنقرة لمَنع الأوليغارشية الروسية من استخدام تركيا كمتنفس لها .
* أردوغان يتّبع سياسات تضرّ بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وعلى الغرب إيجاد السبل الكفيلة لتقليل هذه الأضرار .
* القائد الإنسان صاحب المَشاعر الرقيقة القريبة من الأطفال: وتلك سمة واضحة في شخصيّة أردوغان، تجعله لا يبالي معها بعرف دبلوماسيّ، أو أيّ اعتبار آخر، يقول الأستاذ خالد الرويشان في مقال له بعنوان: (مع أردوغان في أزقّة صنعاء القديمة):
(من التاسعة مساءً وحتى الواحدة بعد منتصفِ ليلةٍ رمضانيةٍ باردة كنا مع أردوغان في بيوت فقراء صنعاء ومع أطفالها.. وحتى بعض المُعاقين الذين صادفناهم في الطريق !
كنتُ أشرح له تاريخ المدينة ومعمارها بينما كانت عيناه تبحثان طوال الوقت عن أطفال الحارات! وهذه أحد معالم شخصيته!
فجأةً، رأى طفلاً وجرى بعده ليسأله ما اسمك؟ وأين بيتكم؟ وهل تسمح أن نزوركم ؟ فأشار الطفل إلى البيت الذي كان على مدخل بوابة المَسرح، والمُفاجأة كانت أنّه بيت حارس المَسرح الرجل الطيّب العمّ أحمد الكدَس!
كنّا مذهولين، ونحن نتكدّس في الغرفة الصغيرة وأردوغان وزوجته بين أطفال الكدَس، وهو يسألهم عن أسمائهم، ثمّ يطلب من كلّ واحدٍ منهم أن يُسمعه سورةً من سور القرآن الكريم! وبعد أن سمعهم وقف فجأةً ليوزّع جعالة للأطفال الأربعة.. وغادر ونحن وراءه!
وعندما صعدنا ماشين مدخل بالرّوم أو باب الرّوم صوب قلب المدينة، فوجئنا بأردوغان يمشي وحيدًا ناحية اليمين تحت بيت الشهاري، والأمن وبعثة الشرف والوفد يجرون بعده ! وإذا به ينحني على معاق فوق عربيّة، وأخذ اسمه وكلّم السفير التركي كي يأتي به إلى تركيا لعلاجه.. وبالفعل ومن خلال متابعتي سافر المُعاق إلى تركيا!
ولم نكد نمشي قليلاً حتى جرى صوب طفلٍ في السادسة من عمره، وسأله بنفس الطريقة.. وأشار الطفل نحو بيته ! ودخلنا البيت بعد الطفل.. ولم يكن في البيت أحد!..). هذه هي الرجولة الحقيقيّة، والقيادة التي تحتاج إليها الأمّة..
* تحت إهاب هذا الرجل الوسيم الأنيق ثمّة محاربٌ عنيدٌ وشديد درجة المُغامرة!
تلك كانت لمَحاتٍ سريعة عن تلك الزيارة، وعن شخصية بطل تلك الأمسية الرمضانيّة الباردة: المُحارب العنيد رجب طيب أردوغان! ). الأستاذ خالد الرويشان .
* ويكفي أن نتذكّر أيضاً وقفته الشجاعة مع قطر حين أرسل جيشه لحمايتها من مؤامرة غادرة تريد أن تقضي على قطر.. وقد حذّر منها أمير الكويت الراحل ! ولكنّ رجل القدر أردوغان ظهر في الوقت المُناسب فأحبط المُؤامرة..
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة