أديبة وكاتبة | المدينة المنورة
عائدون
كتب بواسطة إيمان شراب
التاريخ:
فى : المقالات العامة
1952 مشاهدة
هُنا أخبار قوم من أمَّتنا يُقتلون ويصرخون ويَبحثون بين الرُّكام لعلهم يرون رِجلًا أو أُصبُعاً يقودهم إلى طفل مدفون، وبعده طبَّال يرفع ويمجِّد الظالمين والقَتَلة، والضغطة التالية على نفس الزر أظهرت زمَّاراً يكفِّر كلَّ مَن خالف ما يؤمن به هو مِن باطل، وهؤلاء يلعبون بالثلج، والتالي أناس يموتون من الثلج، وهذه موائد ضخمة وأطعمة غزيرة اجتمع عليها المدعوُّون في مناسبة ليست عرساً، لن يأكلوا منها سوى قليل مهما أكلوا لكثرتها، والتالي أطفال ينتقون الفتات اليابس من الأرض يظنُّون أنه سيُسكت وجع معِدَاتهم الصغيرة، وهذا ثريٌّ يستعرض ثروته ومهارته في جمعها، وهذا المسكين يجمع مايراه صالحاً من بقايا الطعام من القُمامة، ثم يطلُّ آخرون منسيُّون محتلُّون، وتلك القناة عرضت مشاهد لأناس ضعاف سُمْر البشرة حاصرهم البوذيُّون بعد أن هجَّروهم وأحرقوا الكثير منهم، والتالي مُغنٍّ وجمهور كلُّه يرقص...
وأقوياء يكذبون ويكذبون، ونعلم أنهم يكذبون ويخدعون ويمكرون، ونستمرُّ في وضع أيدينا في أيديهم، وحتى متى؟ لا أدري!
وأشدُّ ما يمكن أن يقهر تلك الملايين التي يحرقها مسلمون في الهواء عند وصولهم إلى الصفر في العدِّ التنازليِّ، وشعرتُ وقتها أني كرهتُ حتى الصفر الذي ارتبط بهذا القهر!
متناقضات تعرضها شاشات التلفزيون كل يوم، وكل لحظة، وهي نفسها أحوال الناس على كُرتنا الأرضيَّة، أحوال تُرينا أنَّنا الأُمَّة الأقل في الثراء والتعليم والاستقرار والعدل والأمان والتعمير والتصنيع والتعاون والاتحاد والنصرة، أمَّا عدونا فهو الأكثر في كلِّ ذلك!
صبراً يا نفسي ويا كل النفوس المسلمة المقهورة، سيأتي يومٌ تَعرض فيه قنوات التلفزيون تكبيرات انتصاراتنا، وقوَّتنا واتحادنا وهزيمة اليهود وروسيا وأمريكا، وستُعرض مصانعنا وإنتاجنا ومستويات جامعاتنا المتقدِّمة ونبوغ طُلَّابنا، وسيتسابق المُذيعون في سَرد تجاربنا الرَّائدة في القضاء على الأُميَّة والبطالة والفساد، وستصوِّر الكاميرات الأمن في كلِّ مكان، وتنقل حياً على الهواء اجتماعات قممنا على كلمة واحدة...
كلّ المِيراث الجميل الذي يجعلنا نشعر بالعزَّة والفخر والقوَّة والذي كان قد تركه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأضعناه؛ سنستردُّه.
رسولنا صلى الله عليه وسلم أخبر عن سبب الذُّل الذي أصابنا: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ (أي بالرِّبا)، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ (أي انشغلتم بالزراعة والدنيا)، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» أخرجه أبو داود...! لا تعليق!
يؤلمنا ما يحدث في بلادنا ويمزِّق أفئدتنا ويصيبنا بالهمِّ تلو الهمِّ، لكنْ ربما هو ضرورة الإعداد للنَّصر القادم، فمَن قتَله العدو فهو في سبيل الله بإذن الله، ومن هُدِّم بيته وشُرِّد مِن وطنه وتغرَّب؛ فالاحتساب هو الدَّواء والشِّفاء والنَّجاة والجنَّة.
اللهم كُن لإخواننا المسلمين في كلِّ مكان، هوِّن عليهم وثبِّتهم وأطعمهم واكْسُهم ودفئهم، وأَعِدْهم إلى أوطانهم، واقهر مَن ظلمهم وظلمنا بظلمهم وانتقم لهم ولنا، ومتِّعنا بنصرٍ قريبٍ يا ربنا.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة