طبيبة مِخْبرية، حفيدة العالِم المجاهد الشيخ عزّ الدين القسّام رحمه اللَّه | لبنان
شكر النعمة
وانتفضتُ من رُقادي قبل الفجر على صوت المنبِّه الذي هزَّني، فأسرعتُ أغسل بالوضوء رواسبَ النوم وثقله.. وانتصبتُ بين يدي الله أُطهِّر روحي من أدران الدنيا، وأُزكِّي نفسي بالتضرُّع والرجاء لعل الله يرحمني...
ويصدح أذان الفجر؛ ليفجر ما بداخلي من طاقات روحية كامنة، الله أكبر، الله أكبر.... لتزلزل كياني وتشعرني بضعفي وذُلي لله الأعظم، الأرحم والأكرم..
وفجأة يرنُّ هاتفي، فأسرعتُ لأجد اسم جارتي المريضة، وإذا بصوت زوجها يخترق أذني مستغيثاً كي أخفِّف من آلام زوجته بحُقنة مسكِّنة..
وأسرعتُ وقلبي يسبقني إليهم.. ومشاعري ترتجف وأحاسيسي تضطرب، ووصلت للسُّلَّم وبدأت بالصعود... وإذا بأنينها يصلني..
فتوقفتُ... أثبِّت نفسي وأتماسك حتى أستطيع التصرُّف بحكمةٍ، وحبستُ دموعي التي أبت إلَّا أنْ تتسلَّل بحذرٍ.
وطرقتُ الباب الذي فُتح فوراً. فهالني منظرها وهي تبكي بحُرقةٍ... وهي تستنجد بكلماتٍ غير واضحة، لكنك تفهم منها: أني لم أعد أستطيع التحمل.. الحمد لله الحمد لله.... وبدأتُ برفع معنوياتها متظاهرة بعدم الانفعال.. ومع الحُقنة المخفِّفة للألم... كانت هناك جرعة من التفاؤل مصحوبة بالرُّقية الشرعيَّة... محاولة ما استطعتُ أن أنقذها من الغرق في بحور اليأس التي تعصف بها رياح الآلام والحسرات والزفرات... وبفضل الله ارتاحت قليلاً ليرتسم على محيَّاها ابتسامة الرضا مشوبة بتقطيب حاجبيها اللذين يعلنان عمَّا في داخلها من عذابات... وودَّعتُها والحرقة تكوي كبدي، والدموع تدفعني للخروج لعلِّي أخفِّف ما بداخلي بالصبر والمصابرة...
وكلماتها لي وأنا أفارقها تبعث في نفسي الأمل، ودعاؤها لي ولعائلتي رغم يأسها... دفعني لأكون أكثر صبراً وثباتاً... ولسان حالي يقول: الحمد لله الذي عافانا، والحمد لله الذي استخدمنا للتخفيف عن المرضى... فكيف إن كان المريض جاراً...
الحمد لله الذي جعلنا مفاتيح للخير...
هي دعوة لكلِّ مسلم أن يكون بلسماً للجراح وأماناً للخائف... عسى الله أن يبدلنا خيراً في الدنيا والآخرة...
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن