العدل
كتب بواسطة إيمان أحمد شراب
التاريخ:
فى : آراء وقضايا
911 مشاهدة
فساد غير مسبوق من أبنائنا ورجالنا ونسائنا.. تنافست النساء من كل الأعمار في إظهار أي شيء أو كل شيء مما يجب أن تخفيه، ودياثة الرجال تدعو للاشمئزاز، واستبدلت المسميات بغيرها ليصبح كل منكر عاديا، وتصدر الشاشات أجهل الناس وأتفههم وأخبثهم، حتى وصلت الأمور إلى اعتياد العيون والآذان والقلوب على ذلك الفساد فلم يعد هناك عيب ولا حرام، بل هي حرية شخصية مطلقة وليس لأحد أن يتدخل في شيء وليس لأحد الحق في التوجيه أو المحاسبة مهما كان الفعل!
الاقتتال هنا وهناك، والجوع هناك وهنا، والبطالة في كل مكان، وفرصٌ في البلاد وموارد تقسم على فئة من الشعب بناء على: أيهم أهمّ - بمقياسهم الظالم- وأيهم من هذا الجنس أو ذاك العرق، وكثيرون جاهلون ومتخلفون، والغيرة والحسد والحقد يذيبون القلوب أو يدفعون للانتقام، والأرحام تقطعت مع أول اختلاف، والردة عن الإسلام والإلحاد حرية، والشذوذ الذي يهتز له عرش الرحمن لبشاعته وأباد الله أمما بسببه، أيضا صار حرية وأمرا عاديّا،..... والقائمة تطول !
العدل الذي غيبوه هو السبب في كل ذلك وكل خطأ وكل مصيبة! العدل الذي لو عاد ليكون معيارا ومقياسا وميزانا ومرجعا لانصلح حال الكرة الأرضية كلها.
العدل يعني عدم الظلم ، ويعني إعطاء كل ذي حق حقه كما يريد الله، وهو أن تعطي الحق الذي عليك وتأخذ الذي لك، وهو عدم الإفراط وعدم التفريط.. هو الاستقامة على طريق الحق، وأي ميل عن هذا الطريق فهو ظلم وليس عدلا ونتائجه وخيمة على مستوى الفرد والأسرة و البلاد.
العدل صفة من صفات الله عز وجل، الله عدل في شرائعه وحكمه، ثم يأتي حسابه- سبحانه- على أساس: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"... الله العدل وضع لنا القوانين والأحكام العادلة التي تصلح لنا وتصلح أحوالنا؛ فالصدقة والزكاة حق للمحتاجين في مال الأغنياء؛ إنه العدل الذي سيجعل من الغني رحيما ومن الفقير سعيدا، الله خلق لنا ليلا ونهارا لنعمل وكذلك نرتاح؛ أليس هذا عدلا؟ خلق الرجل والمرأة ليستمر الخلق ولا ينقرض، ولتطيب لهم الحياة؛ وإنه العدل! الحر والبرد والاعتدال، المرتفعات والمنخفضات، الموت والحياة، الصحة والمرض، الثواب والعقاب والجنة والنار، الفرح والحزن... أينما وجهت وجهي وتفكرت وجدت أنه لا يمكن أن تستمر الحياة ولا تستقيم بدون العدل! ما بالنا بليل فقط؟ أو بشمس لا تغيب؟ أو بأعياد وأفراح طول العام؟ أو أرزاق دون سعي وعمل؟ أو أبناء دون تربية ورعاية؟ أو رجال ونساء دون ضوابط تنظم وتقنن علاقاتهم...نعم، كل شيء يحتاج عدلا .
الله العدل ولأنه العدل لم يتركنا دون أن يطالبنا بالعدل في كل الحالات والأوقات والأماكن ومع المسلمين وغير المسلمين " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ" النحل 90، "وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ" الأعراف 181، "قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ" الأعراف 29.
وكان رسولنا صلى الله عليه وسلم أعدل الناس والله شهد له بذلك" فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ"، فالذي سيحكم به نبينا هو الحق... وفي حياته صلى الله عليه وسلم الكثير من نماذج عدله، وتعلّم منه العدل أصحابه وبه عملوا وحكموا، ثم مع توالي السنوات غيّب المسلمون ميزان العدل، فغاب معه كل شيء جميل: الأمانة والصدق والقوة والشجاعة والحلم والصبر والأمان والرضى والحكمة والرحمة والتسامح والمحبة والنزاهة والهدوء النفسي والثقة بالنفس والطمأنينة والنصر من الله وحلول البركة وزيادة الإنتاج والنهضة وحب الأوطان...
نعم، العدل مرتبط بكل ذلك وكل جميل يمكن تخيله ...
ومع الظلم يأتي كل قبيح نتخيله..
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة