هل بلغ عمرك 40 سنة، أم اقتربت منها، أم تجاوزتها ؟
كتب بواسطة د. محمد راتب النابلسي
التاريخ:
فى : المقالات العامة
1360 مشاهدة
إن كنت في الأربعين، أو اقتربت من الأربعين، أو تجاوزتها بقليل، فاعلم أن الأربعين هو السن الوحيد الذي خصه القرآن الكريم بدعاء مميز ..
قال الله تعالى : ﴿ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِين ﴾
فهو دعاء مؤثر، يتضمن الشكر عما مضى، والدعاء للآتي، وإعلان الولاء لهذا الدين.
أكد العلماء على أهمية هذا الدعاء، وخاصةً لمن بلغ الأربعين، وأنه سببٌ لقبول الأعمال، فقد قال سبحانه بعد هذه الآية :
﴿ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ ۖ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ﴾
وقد ورد في الأثر النبوي :
( أنه من دخل في الأربعين، فقد دخل في أسواق الآخرة ). فجهز نفسك يا ابن الأربعين إلى الدار الآخرة:
وقال رسول الله ﷺ: ( معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين )
وفي رواية أخرى : ( وأقل أمتي أبناء السبعين ) [صحيح الجامع ]
فالذي تجاوز الأربعين أو الخمسين سنة يجب أن يعلم أنه على الأغلب قد بقي له أقل مما مضى
كيف مضى الذي مضى؟ قد مضى كلمح البصر، فإذا كان الذي بقي أقل من الذي مضى إذاً يمضي أيضاً كلمح البصر.
وما هي ﺇلا غمضة عين وانتباهتها فإذا أنت تحت أطباق الثرى .
فكل إنسان بلغ الأربعين فقد جاءه النذير !
يعني مرَّ عليه أربعون سنة وأربعون صيفاً وأربعون شتاءً وأربعون ربيعاً وأربعون خريفاً.
في الأربعين تبدأ مرحلة منتصف العمر، يبدأ السؤال القاسي بالظهور أمام الإنسان :
ماذا أنجزت في عملك ؟ ماذا أنجزت لأسرتك ؟ ماذا أنجزت في حياتك ؟ ماذا أنجزت في علاقتك مع ربك؟
إسألوا أهل السبعين والثمانين سنة، سيقولون لكم : كأنه حلم وانقضى
البارحة كنا صغاراً نلعب، واليوم قد دنا الحصاد واقترب اللقاء .
يعني الذين تجاوزوا الأربعين أو الخمسين سنة، في الأعمِّ الأغلب أكثر أبناء جيلهم نصفهم تحت التراب
قد يموت إنسان بالتسعين، بالمائة، وأنت في الخمسين تقول: بيننا وبينه أمدٌ بعيد
أما حينما يموت أقران الإنسان، ومن هم في سِنِّه، من هم في مستواه، فالقول الحق:
( أنتم السـابقون ونحن اللاحقون )
فكلٌ مشغولٌ بدخله ، مشغول بطعامه وشرابه، مشغول برزقه، مشغول بأولاده، مشغول بزواجه، مشغول بالدنيا، مشغول بتجارته، مشغول بسهراته، مشغول برحلاته، مشغول ببيته، مشغول بسيارته، مشغول بأمواله .. ، وعمره ينقص كل يوم ولا يشعر به !
يعني: إذا كنا ذاهبون في رحلة أو إجازة، و مضى ثلثا الوقت من الرحلة، فالوقت المتبقي يُخصص للاستعداد للعودة ..
سافر إلى أي مكان، إذا كانت الرحلة عشرة أيام، بعد اليوم السابع تفكر في العودة، في قطع التذاكر، في جمع الأغراض، في شراء الهدايا، في اختيار المركبة المناسبة، بعد اليوم السابع التفكير ينعكس، كيف نعود؟!
فإذا وصل الإنسان إلى الأربعين، يجب أن يُعدَّ العدة لمغادرة الدنيا .
( والبطولة لا أن تؤمن بالموت، البطولة أن تستعد له )
إلى متى وأنت باللذات مشغولُ، وأنت عن كل ما قدَّمت مسؤولُ ؟
إلى متى ؟ أما آن الآوان ؟ آما آن أن تعود ؟
أما آن أن تتوب وتستغفر علَّام الغيوب ؟
إذا لم ترجع لربك وقد بلغت هذا العمر فمتى ترجع يا ابن آدم ؟
سن الأربعين هو رسالة من الله لك تقول :
( يا عبدي، قد اقترب اللقاء، فهل أنت مستعد له ) ؟
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة